في الآونة الأخيرة، بات شغل الناس الشاغل متابعة تطورات الذكاء الإصطناعي و احدث تقنياته خصوصا مع اعلان شركة OpenAI عن منصة ChatGPT. و خرجت الكثير من النظريات بأن الذكاء الاصطناعي أصبح قادرا على استبدال البشر خصوصا في مجالات البرمجة، صناعة المحتوى و غيرها. عندها قررت القيام بتجربة واقعية لإثبات أو نقد هذه النظريات. التجربة كانت في مجال صناعة المحتوى و تحديدا جعلت الذكاء الإصطناعي يقوم بصناعة جميع المحتوى الذي أنشره على منصات التواصل الإجتماعي، فيسبوك و انستاغرام و لينكد إن، منذ بداية العام ٢٠٢٣ إلى يومنا هذا. سأروي تفاصيل التجربة في هذا المقال.
التجربة انقسمت إلى جزئين رئيسيين، المحتوى النصي و المحتوى الصوَري.
بدايةً، المحتوى النصي تمت كتابه بالكامل باستخدام منصة ChatGPT، و لكن كان هناك عقبة أن المنصة تقوم بكتابة النصوص بأسلوب شبه موحد من مصادر معلومات ضخمة. لذلك أردتها أن تكتب النصوص انطلاقا من المواضيع التي أعرفها أنا و ليس من كل المعلومات المتاحة لديها. بدأت بأن كتبت نصًّا مفصلاً عن سيرتي المهنية، المجالات التي عملت بها مع المدة الزمنية و كذلك هواياتي و مهاراتي و قلت لها ” أنت مهندس متخصص بكذا و كذا و عملت بكذا و مهاراتك و اهتماماتك كذا و كذا…” و في نهاية النص طلبت منها كتابة منشور قصير عن الذكاء الاصطناعي في عام ٢٠٢٣. و كان جوابها التالي:
“نحن في مطلع عام سيتم فيه استخدام الذكاء الإصطناعي في الكثير مجالات الحياة الجديدة للقيام بالتحليلات والتنبؤات وتسهيل العمليات. هذا العام سنشهد العديد من التطورات المتقدمة ، كونوا على استعداد.”
ذهلت عندما قرأت النص و أدركت أن التجربة ستنجح! و بهذه الطريقة قام الذكاء الاصطناعي بكتابة كل كلمة نشرت على حساباتي الشخصية منذ بداية العام ٢٠٢٣.
ثانياً، المحتوى الصوري و الذي انقسم بذاته إلى عدة تجارب. و للأمانة لابد أن أصرح أن جميع الصور المنشورة على حساباتي من بداية العام إلى اليوم ليست حقيقة و إنما تمت “صناعتها” باستخدام الذكاء الاصطناعي. سألي بعض الأصدقاء عن مكان التقاط هذه الصور كدلالة على مدى واقعيتها.
التجربة الأولى كانت مع برنامج nvidia canvas، و الذي يسمح للمستخدم برسم صور بدائية باستخدام واجهة بسيطة جدا تشبه برنامج paint و يقوم تلقائيا بتحويلها إلى صور واقعية لا يمكن تفريقها من الحقيقة.
التجربة الثانية كانت مع Midjourney و هو عبارة عن منصة تقوم بتحويل النصوص إلى صور، بحيث يقوم المستخدم بوصف مشهد معين و يقوم الذكاء الاصطناعي برسم هذا المشهد من “خياله” او من ما تم تعليمه إياه من المبرمجين. تعمل منصة midjounrey عبر تطبيق discord، و سأترك روابط لهذه المنصات في المراجع. و لكن تجربة midjourney لم تدم طويلاً حيث أنه بعد عدد صور معين يصبح لزاماً دفع مبلغ شهريا مقابل عدد صور معين كذلك عندها بحثت عن طرق اخرى و وجدت نموذج model مفتوح المصدر اسمه Stable diffusion و هو نموذج تم تدريبه على عدد ضخم من الصور و النصوص حتى بات قريبا من دقة midjourney. و الجميل أنه يمكن تحميله و تشغيله على جهازك الخاص offline دون الحاجة لأي منصات. الشرط الوحيد أنه يحتاج لجهاز apple m1 او كمبيوتر مع كارت شاشة انفيديا سلسلة ٣٠٠٠ و ما فوق. و هناك العديد من لوحات الاستخدام UI interface للstable diffusion استخدمت منها InvokeAI و Automatic1111.
و هكذا قمت باستخدام الذكاء الاصطناعي لصناعة جميع محتواي، و مع التجارب صرت اصنع الصور باحد البرامج السابقة و اعود لchatGPT و اطلب منها كتابة نص مرافق للصورة أو اكتب النص باستخدام ChatGPT و أعود و اصنع صورة تناسبه حتى صارت صناعة المنشور الواحد لا تتعدى الدقيقة او الدقيقتين.
هذه التجربة اثارت الكثير من الأسئلة بخاطري و أهمها كان:
– هل فعلاً أستطيع نسبة هذه المحتوى لنفسي؟ أم انه ينسب للذكاء الاصطناعي؟
– هذا المحتوى ليس ملكاً لأحد و الذكاء الاصطناعي لم يصنعه من لا شيء و إنما كان ينفذ ما اطلبه منه، أليس هذا يعطيني الحق بملكية هذا المحتوى؟
– هل سنرى في العام ٢٠٢٣ مؤلف او روائي ليس من البشر و إنما عبارة عن model جديد من الذكاء الاصطناعي له شخصيته و اسلوبه الكتابي؟
برأيي، حتى الآن، ما زال الذكاء الإصطناعي بحاجة للإدارة البشرية في الدوافع او الأوامر و كذلك في الضوابط. و هو لا يتعدى كونه أداة جديدة تساعد في الإنسان أداء مهامه بشكل اسرع و أدق. من هذا المنطلق يجب علينا تبني هذه التقنية و دمجها في انظمتنا اليومية. على سبيل المثال، بدل من منعها في كتابة الأبحاث العلمية و الفروض المدرسية لابد من تحفيز الطلاب لاستخدامها و في الوقت نفسه رفع مستوى المسائل العلمية مثل ما كان اساتذة الجامعة يسمحون بالاستعانة بالكتب خلال الامتحانات و يزيدون من صعوبة الأسئلة ما يرفع من مستوى الطلاب بشكل كبير.
المراجع:
حسابي على فيسبوك: https://fb.com/mostafa.najim.50
حسابي على انستاغرام: https://instagram.com/mostafamnajim
حسابي لينكدان: https://www.linkedin.com/in/mostafanajim/