بداية أود أن أشدد على أنني لست شيخا او عالما دينيا، أنا مجرد مهندس لدي بعض المقاربات أود أن أشاركها معكم.
أيام الثانوي كنت من “مهووسين” بعلوم الفيزياء و كنت أسابق المدرس في حل الدروس قبل شرحها في الصف. و كنت قد تأثرت كثيراً بنظريات أينشتين و نيكولا تسلا و غيرهم. و مع بداية سنوات الجامعة تعمقت بعض الشيء في الفيزياء النظرية theoretical physics و قرأت الكثير عن النظريات الحديثة في علوم الفيزياء و قد كان اهتمام الفيزيائيين ،و لا زال، ينصبّ على أسرار الكون الفسيح. و لأن الدراسات باتت تظهر الكثير من العوامل المجهولة في تكوين الكون نفسه، برز علم الفيزياء النظرية و هو علم قائم على استنتاجات رقمية و حسابية بناءاً على أسس فيزيائية مثبتة لاستخراج نظريات جديدة.
و من أكثر النظريات التي جذبتني شخصياً و كنت اقرأ عنها كل ما وقعت يداي عليه، نظرية تعدد الأكوان multiverse و الأكوان المتوازية parallel universe. و زاد اهتمامي بهذه النظرية كتب الcomic books التي كنت أقرؤها والتي تتبنى هذه النظرية بشكل كبير لصناعة قصص مختلفة للشخصية ذاتها لكن بأكوان متعددة. و هذا ما يسمح لشركات الإنتاج بتأليف أعداد كبيرة من القصص مع كسر الروتين بحيث تكون القصة في كون آخر و عوامل مختلفة لكن مع الشخصية ذاتها. و كنت دائماً أظن أن هذا من خيال الإنسان و أوهامه لا أكثر.
و ذات يومٍ، و في جلسة مع أحد علماء الشريعة، مررنا بآخر آية من سورة الطلاق {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)}
و سألته يومها عن تفسير هذه الآية و هنا كانت الصدمة!
مع أن هذا الشيخ لم يكن على علم أو دراية بأي شيء عن علوم الفيزياء النظرية و كل ما ذكرته في الفقرتين السابقتين، إلا أنه ذكر لي يومها قول عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما. حبر الأمة و ترجمان القرآن حين سئل عن هذه الآية
.”لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم”!!
و النص الكامل لرواية الطبري في تفسيره كما يلي:
روى الطبري في “تفسيره” (23/469) ، والحاكم (3822) ، والبيهقي في “الأسماء والصفات” (832) عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) قَالَ: ” فِي كُلِّ أَرْضٍ مِثْلُ إِبْرَاهِيمَ ، وَنَحْوُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْخَلْقِ ” .
وفي لفظ :
( سَبْعَ أَرَضِينَ فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ ، وَآدَمُ كآدمَ ، وَنُوحٌ كَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى كَعِيسَى ) .
ثم روى الطبري (23/ 469) عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: ” لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم ، وكفركم تكذيبكم بها “.
هذا الرواية تعود ١٤٠٠ عام في الزمن! قبل علوم الفيزياء الحديثة و نظريات الأكوان المتعددة و الأكوان المتوازية و ما إلى ذلك!
قال لي البعض (و لا أعلم مدى دقة هذا التفسير) أن المقصود هو طبقات كوكب الأرض الجيولوجية كما أن السماء طبقات، لكن بعد البحث وجدت أنه طبقات الأرض الجيولوجية هي أربع طبقات رئيسية فقط. ثم ان هذا لا يفسر إجابة ابن عباس للناس إذ أن الناس حينها كانوا يحفرون الآبار و يعلمون أن الأرض لها طبقات مختلفة و لن يكذّبوا من يقول لهم الأرض مكونة من سبع طبقات!
طبعاً لست أهلا لتفسير القرآن و لكن أحببت أن أضع هذه المقاربة بين يدي أهل التفسير و علوم القرآن علها تكون همزة وصل بين الإعجاز العلمي في القرآن و العلوم المعاصرة. و إن كنت قد غفلت عن شيء فالتصويب مرحب به في التعليقات للمنفعة العامة