حجر الفلاسفة أو The Philosopher’s Stone هو أحد الأساطير القديمة التي نصادفها في كثير من الأفلام و الكتب المشهورة مثل أفلام هاري بوتر، و كتاب “الخيميائي” أو alchemist لباولو كويلو، او كارتون Full Metal alchemist و غيرها الكثير. تقول الأسطورة أن هذا الحجر مكوّن من مادة معينة تعطيه قدرات خارقة للطبيعة بحيث يمكن لصاحبه تحويل كل ما يلمس الحجر إلى ذهب خالص. و لإعطاء هذه الفكرة بعض المصداقية خرجت الكثير من الأكاذيب كمن قال أن خاتم سيدنا سليمان هو أحد هذه الحجارة و كل معجزاته كانت بسبب هذا الخاتم، و ذلك لخلط الحق بالباطل والتدليس على الناس و تشكيكهم أن هذه الحجارة حقيقية.
طبعاً، الفكرة تبقى مجرّد خرافة ليس لها أي إثبات ديني أو علمي و هي محصورة في قصص الخرافات و الأساطير. و لكن، ما يبقى حقيقي هو فكرة بحث الإنسان المستمر عن طرق مختصرة لكسب الربح أو لتحويل السلبيات إلى إيجابيات بطريقة سهلة و سريعة. في الإيطار العلمي لا يوجد طرق مختصرة لأي شيء، فإذا أردت مثلا تسخين ليتر من الماء لنقطة الغليان تحتاج إلى طاقة معينة و إذا أردت تحويله إلى ثلج مباشرة بعد الغليان تحتاج إلى نفس الكمية من الطاقة بالإضافة إلى فارق العوامل الخارجية. لا يمكن فعل إحدى هذه العملية بطاقة أقل من الأخرى.
و لكن، قد يتساءل البعض، لماذا زرع الله سبحانه و تعالى فينا هذه الأفكار بما أنها لا تتوافق مع عالمنا المادي؟
فيأتي الجواب من الله سبحانه و تعالى في سورة الفرقان {إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَٰلِحًا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٍۢ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} الآية ٧٠.
ليتيقّن الواحد منّا أن المستحيل في حياتنا إنما هو سهل عند رب العالمين. فيمكن لمن ملأ حياته ذنوباً و سيّئات أن يحوّلها كلها إلى حسنات و لكن بشروط ثلاثة.
الشرط الأوّل – التوبة، أن يتوب الواحد منا عن ما لا يرضي ربنا عازمًا على ألاّ يعود لذنبه و لو تاب كل يوم! {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
التوابين صيغة مبالغة تفيد التكرار فالنفس ضعيفة و تُقوّى بالشرط الثاني.
الشرط الثاني – الإيمان. أن يؤمن الواحد منّا بأن الله حق و ملائكته حق و كتبه حق و رسله حق و اليوم الآخر حق و القضاء و القدر حق. أركان الإيمان الستة التي لا يكتمل إيمان عبدٍ إلا بها. و لا يُصَدّقُ الإيمان إلا العمل به.
الشرط الثالث – العمل الصالح.
يقول الحسن البصري رحمه الله (ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، إنّما الإيمان ما وقر في القلب وصدّقه العمل). فالعمل الصالح يرسّخ الإيمان في القلب و يردع النفس عن الميول لما لا يرضى الله سبحانه و تعالى.
قال تعالى {لَيْسَ بِأمَانِيِّكُمْ ولاَ أَمانِيِّ أَهْلِ الكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ولاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا ولاَ نَصيرًا ومَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يدخُلونَ الجَنّة ولا يُظْلَمُونَ نَقيرًا} (سورة النساء : 123 ، 124).
{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 27]